14 ديسمبر 2013

الطفل و المسمار

هذا الذي يقهر نفسه عند الغضب، أعظم من ذلك الذي يفتح مدينة.
كان هناك طفل يصعب إرضاؤه، أعطاه والده كيس مليء بالمسامير وقال له: 
" قم بطرق مسمارًا واحدًا في سور الحديقة في كل مرة تفقد فيها أعصابك أو تختلف مع أي شخص ".
في اليوم الأول قام الولد بطرق 37 مسمارًا في سور الحديقة، وفي الأسبوع التالي تعلَّم الولد كيف يتحكم في نفسه وكان عدد المسامير التي توضع يوميًا ينخفض.
اكتشف الولد أنه تعلم بسهوله كيف يتحكًّم في نفسه، أسهل من الطرق على سور الحديقة.
و في النهاية أتى اليوم الذي لم يطرق فيه الولد أي مسمار في سور الحديقة عندها ذهب ليخبر والده أنه لم يعد بحاجة الى أن يطرق أي مسمار قال له والده: 
" الآن قم بخلع مسمارًا واحدًا عن كل يوم يمر بك دون أن تفقد أعصابك مرت عدة أيام ". 
وأخيرا تمكَّن الولد من إبلاغ والده أنه قد قام بخلع كل المسامير من السور قام الوالد بأخذ ابنه الى السور وقال له:
" بني قد أحسنت التصرف، ولكن انظر الى هذه الثقوب التي تركتها في السور لن تعود أبدًا كما كان ".
و قد جاء في صحيح مسلم " استبَّ رجلان عند النبي صلى الله عليه و سلم، فجعل أحدهما يغضب و يحمر وجهه و تنتفخ أوداجه، فنظر إليه النبي صلى الله عليه و سلم فقال:
" إِنِّي لأعلَمُ كَلِمةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عنْهُ هذا: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ".
فقام إلى الرجل أحد من سمع النبي صلى الله عليه و سلم و قال له:
" هل تدري ما قال الرسول آنفا " ؟
قال: " لا ".
قال: قال " إِنِّي لأعلَمُ كَلِمةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عنْهُ هذا: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " فقال له الرجل: أمجنونًا تراني ؟ . .
و هكذا بلغ الغضب بالرجل حدًا لم يكترث فيه بتوجيه النبوة.
و سر الاستعاذة أن الغضب يمهد النفس لقبول شتى الوساوس و يجعلها بحالة تستسهل فيها أشد الجرائم حتى إذا صحا الغضوب من نزوته راح يندم على ما فرط منه، و لاتَ ساعة مندم.


* * فكرة * * 
" إن الغضب سم يسري في النفس كما تسري الكهرباء في البدن "

  محمد الغزالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق